Sagot :
Réponse:
يقول ثيودور روزفلت الرئيس الأسبق للولايات المتحدة الأميركية في المواطن الصالح «ان الشرط الأول للمواطن الصالح في بلدنا، هوأن يكون راغباً وقادراً على حمل أعبائه». وهذا يعني أن المواطن الصالح من يضع نفسه في مكان الآخر، ليرى الصورة الأكبر والأشمل، وعدم النظر الى الأمور من وجهة نظرك، ومعتقداتك، وهويتك فقط، لإن ذلك سيُصّعب ويعّقد الامور أكثر فأكثر.
...ومن مواصفات المواطن الصالح، المشاركة؛ وهو أن يكون المواطن مشاركاً بشكلٍ فاعلٍ في الحياة السياسية والإجتماعية، وذلك من خلال مساعدة الآخرين والتعاطف معهم، والمشاركة في عمل النقابات، والجماعات الدينية والمدنية، أو النشاطات الحكومية، أو الشركات الخاصة والمنظمات على اختلاف أنواعها، وبغض النظر عن الآلية المستخدمة، وبمعنى آخر يهتم المواطنون الصالحون ببعضهم البعض، ويتشاركون في تحمل الأعباء والمصالح، وكذلك المشاركة في العملية الديمقراطية في الحكم، وليس فقط التهكم والتندر والنقد لهذه الحكومات، بل مد اليد لمساعدتها، والخروج بحلول تعود عليها وعلى المواطن بالخير والنماء.
...وكذلك ما يُميّز المواطن الصالح، الاطلاع؛ ونعني بذلك أن المواطن الصالح هو الذي يحاول دائماً أن يكون مُطلّعاً على ما يستجد من أمور تخص الشأن العام، وأن لا يُخدع بالكم الهائل من المعلومات المتوافرة اليوم على جميع الأصعدة، من مجلات وصحف وتلفزيون وفضائيات ومواقع تواصل اجتماعي، ففيه الغث والسمين! ويستطيع المواطن الصالح قراءة الصحف والكتب الجيدة والمفيدة، ومتابعة الكتّاب الذين يبحثون عن الحقيقة دون تجنٍّ أو مصلحة شخصية، والاطلاع على الثقافات المختلفة، لزيادة محتواه الفكري والثقافي مما يساعده على تقديم الحلول للمجتمع الذي يعيش فيه.
... وكذلك ما يُميّز المواطن الصالح، الانتماء؛ ولا نعني هنا الامتثال الى سياسة القطيع، ولكن التوازن والتحاور واحترام الرأي والرأي الآخر، والنظر الى الامور بشكل بعيد عن الشخصنة والعنصرية والمزاج الشخصي، ومحاولة تطبيق المواطنة الصالحة على أمور الحياة المختلفة بشكل إيجابي ومعقول، وذلك من خلال تعَلم أدب الحوار والاحترام لمن يخالفنا في الرأي، وأن نتَحلى بالتواضع وعدم المكابرة، والتوازن الذي يجب أن يحافظ عليه المواطن الصالح في مجتمعه في جميع أموره الشخصية والعامة.
...وأيضاً ما يُميّز المواطن الصالح، العطاء؛ وهنا نعني أن يكون العطاء لمن يحتاجه، فدفع الضرائب مثلاً ينظر اليه الكثيرون على أنه جباية من الدولة للمواطن، ولكن المواطن الصالح يعلم جيداً أنه يدفع هذه الضريبة لبناء مدرسة، أو بناء مشفى، أو فتح طريق، أو مساعدة المحتاجين الذين لا يستطيعون توفير قوتهم أو قوت عائلاتهم، أو للحفاظ على الوطن من خلال المؤسسات العسكرية أو الأمنية، وقد تُدفع هذه الضرائب وتُصرف في مجالات لا نتفق معها أو عليها، ولكن هذا لا يجب أن يحبطك أو يثنيك عن المشاركة في العمل على أن تذهب هذه الأموال في الاتجاه الصحيح، وأن تكون أميناً على دفعها بمحبة ورضا دون ملاحقة قضائية أو أمنية تجبرك على ذلك.
وأخيراً، نرى أن المواطن الصالح هو من يستثمر في بلده، ويضع أمواله وطاقاته في خدمته، ويحاول أن يحافظ على كل الإنجازات البشرية والعمرانية والثقافية فيه، ويدافع عنه بكل ما يملك من قوة، لإن المواطن الصالح لا ينظر فقط الى مصلحته الذاتية، وإنما الى المصلحة العامة التي في النهاية تنعكس عليه