ليلة ظلماء، هادئة، لكنها ليست كذلك بالنسبة لأم اليتيمة، تلك المسكينة اللي باتت تصارع الحياة لتأمين لقمة العيش لها و لأبنتها بعد وفاة زوجها.
بينما أنا و صديقي نتجاذب أطراف الحديث في متجره الصغير بعد أن اشتريت منه بعض الحاجات قاطعتنا تلك المرأه العفيفة حتى في لباسها الرث و قد طغت على ملامحها الحاجة و الفقر، تحمل في أحدى يديها رضيعتها النحيلة و قدحت فتحت فاهها إلى السماء من شدة الجوع و الأخرى آخر م تبقى لديها، إناء من نحاس و قد أشارت لصديقي همساً فخرج لبرهة ثم عاد و قد تغيرت ملامحة ، حسناً يا صديقي : أنت لا تبدوا على ما يرام، ما بك؟ ماذا تريد المسكينة؟، فأجابني بحزن: حسناً، هي تريد أن ترهن آخر ما تبقى لديها مقابل بضعة جنيهات لتشتري قليلاً من الخبز لأبنيها اليتيمين، لقد أدمت اجابته قلبي فأسرعت لها و قدمت لها جميع ما في جيبي دون تفكير، ترددت العفيفة في أخذ النقود و قدمت لي صحنها النحاسي مقابل ذلك، فرفضت و عدت مسرعاً لبيتي و قد انساني م رأيت ما ذهبت لأجله من حاجات في متجر صديقي.
انتصف الليل، لم اعتد السهر، و لكن قلبي لا زال غارقاً في دماء ما رأيت، و دموع عيني ما زالت تهطل بإستمرار حزناً على تلك اليتيمة و أمها و غضباً على الفقر و الحاجة.
