Sagot :
Explications:
دعت الشريعة الإسلامية إلى وحدة الأديان في مصدرها وتعاليمها، وإلى الإيمان بجميع الرسل عليهم السلام، وإلى الوحدة الإنسانية على أساس القيم الأخلاقية، والأخوة الإنسانية، والتعايش المشترك، والتسامح الديني بين جميع أفراد المجتمع الإنساني مهما اختلفت عقائدهم.
قال الله تعالى: «يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير»، (الحجرات: ١٣).
والإسلام أمر المسلمين بالعدل وإعطاء الحقوق ونهى عن الظلم فيما بينهم وفي علاقاتهم مع غير المسلمين، ولذلك فإن السكان الذين لم يعتنقوا الإسلام وظلوا على ديانتهم في البلاد المفتوحة عاشوا في ظل الدولة الإسلامية متمتعين بحقوقهم كاملة آمنين من الظلم والعدوان، «يا أيها الذين أمنوا أوفوا بالعقود»، (المائدة: ١).
وحقوق غير المسلمين قسمان:
الأول - الحقوق العامة: وتتلخص بما يلي:
1- حرية الاعتقاد: فلهم الحق بإقامة شعائرهم والتمسك بدينهم من دون إكراه، قال الله تعالى «لا إكراه في الدين..»، (البقرة: ٢٥٦).
وقال تعالى: «ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعاً..»، (يونس: ٩٩).
2- المعاملة الحسنة: فعلى المسلمين التعامل مع غير المسلمين المعاملة الحسنة والتي تتمثل بالرفق بضعيفهم، وإعانة فقيرهم، وإطعام جائعهم، ولين القول لهم، وصون أموالهم وعيالهم، ومساعدتهم في شؤون حياتهم، قال الله تعالى: «لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين»، (الممتحنة: 8).
3- حفظ كرامتهم الإنسانية: فقد كرم الله تعالى الإنسان سواءً كان مسلماً أو غير مسلم، قال الله تعالى: «ولقد كرمنا بني آدم»، (الإسراء: ٧٠).
4- مجادلتهم بالحسنى ومراعاة مشاعرهم: قال الله تعالى: «ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن»، (العنكبوت: ٤٦).
وقد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقيام لجنائزهم، فروى الإمام البخاري في صحيحه: (إنّ النبي صلى الله عليه وسلم مرت به جنازة فقام، فقيل له: إنها جنازة يهودي، فقال: أليست نفساً؟ ).
5- حق الحماية من الاعتداء عليهم: فعلى الدولة الإسلامية حماية غير المسلمين من كل عدوان ومن كل ظلم، يقول الإمام السيوطي في كتابه «مطالب أولي النهى»: (يجب على الإمام حفظ غير المسلمين ومنع من يؤذيهم، وفك أسرهم ودفع من قصدهم بأذى).
6- التكافل الاجتماعي: فواجب على الدولة الإسلامية كفالة العاجزين والمحتاجين من المسلمين أو غير المسلمين، ففي خلافة سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه أرسل إلى خازن بيت المال، فقال: (انظر هذا اليهودي شيخ كبير ضرير البصر، فوالله ما أنصفناه، أن أكلنا شبيبته، ثم نخذله عند الهرم).
7- حق العمل والتكسب والتملك: فالإسلام أعطى غير المسلمين حرية العمل والكسب وممارسة أنواع النشاط الاقتصادي في البيع والتجارة وجميع المعاملات المالية فحقهم كحق المسلمين.
الثاني: الحقوق الخاصة: وتتلخص بما يلي:
1- حقهم في التزام شرعهم: فلهم محاكمهم الخاصة بأحوالهم الشخصية، كالزواج والطلاق والميراث، ولا يعاقبون على ما يرونه حلالاً في شرعهم.
2- ثبوت آثار أنكحتهم في النسب والمهر والعدة والتمكن من الوطء.
3- عقودهم ومعاملتهم فيما بينهم صحيحة، وإنّ مخالفتهم للإسلام لا تؤثر في صحتها، ودليل ذلك أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم اشترى من اليهود واستقرض منهم، ورهنهم درعه.
4- حقهم في الزواج وفقاً لديانتهم: يقول الإمام ابن القيم في كتابه «أحكام أهل الذمة»: (لم ينص أحد من أئمة الإسلام على بطلان أنكحة غير المسلمين ولا يمكن لأحد أن يقول ذلك).