أريد التعبير عن موقف في قضية نحن أمة إقرأ ولا نقرأ

Sagot :

Explications:

مما لا شك فيه أن للقراءة أهمية كبيرة في بناء الأمم والحضارات وسبب لتقدمها. فالدول المتقدمة والمتحضرة تتميز شعوبها بحب الاطلاع والقراءة والفضول العلمي والبحث عن المعرفة من المهد إلى اللحد بعكس الدول التي يسيطر عليها الجهل والتخلف والفقر. قال تعال "اقرأ باسم ربك الذي خلق، خلق الإنسان من علق، اقرأ وربك الأكرم، الذي علّم بالقلم، علّم الإنسان ما لم يعلم" (سورة العلق). وهنا يشير سيد قطب في ظلال القرآن في تفسير هذه الآية إلى أن خط التاريخ تحول كما لم يتحول من قبل قط وكما لم يتحول من بعد أيضا وكان هذا الحدث هو مفرق الطريق. وكذلك ذكر أن سبب تعليم الرب للإنسان (بالقلم) لأن القلم كان ولا يزال أوسع وأعمق أدوات التعليم أثرا في حياة الإنسان. وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال‏: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم‏‏ "من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا سهّل الله له طريقًا إلى الجنة" رواه مسلم. فنرى أن للقراءة أهمية عظمى تزخر بها نصوص القرآن والسنة النبوية وما نراه اليوم من عزوفالناس عن القراءة واقع مؤسف يقضي على أسباب الرقي والتقدم والازدهار.

تبرز الإحصاءات الخاصة بمعدلات القراءة في الوطن العربي حجم تدهور الوضع التعليمي والثقافي والمعرفي الذي تواجهه الدول العربية، خاصة إذا قارنا هذه الإحصاءات والمؤشرات بمثيلاتها في الدول الغربية. متوسط معدل القراءة في العالم العربي لا يتعدى ربع صفحة للفرد سنويًا، وذلك بحسب نتائج خلصت إليها لجنة متابعة شؤون النشر في المجلس الأعلى للثقافة في مصر. ويعتبر هذا المعدل منخفضًا ومتراجعًا عن السنوات الماضية، ففي عام 2003، وبحسب تقرير التنمية البشرية الصادر عن اليونسكو، كان كل 80 عربيًا يقرؤون كتابًا واحدًا، بينما كان المواطن الأوروبي يقرأ 35 كتابًا في السنة، والمواطن الإسرائيلي يقرأ 40 كتابًا، ورغم الفارق الكبير في نصيب القراءة للمواطن العربي مقارنة بالأوروبي، إلا أنه يعتبر أفضل من الوقت الحالي، حيث تراجع إلى ربع صفحة فقط، وهو معدل كارثي.

يشير تقرير التنمية البشرية عام 2011، الصادر عن "مؤسسة الفكر العربي" إلى أن العربي يقرأ بمعدل 6 دقائق سنويًا، بينما يقرأ الأوروبي بمعدّل 200 ساعة سنويًا، ومن الملاحظ أن هناك اختلافات في الأرقام الخاصة بمعدل القراءة في الوطن العربي، ويعود ذلك إلى الأدوات المستخدمة في البحث والتحليل، لكن أغلبها تصل إلى نفس النتيجة، وهو إثبات وجود فرق شاسع بين ما يقرأه المواطن العربي ونظيره في الدول الأوروبية، سواء كانت النتيجة بالدقيقة أو بالصفحة أو بالكتاب، فكلها تؤدي إلى تأكيد هذه الهوة الواسعة بين ثقافة القراءة والمطالعة عند العرب وباقي شعوب العالم. بالنسبة للكتب أنتجت الدول العربية 6500 كتاب عام 1991، بالمقارنة بـ 102000 كتاب في أمريكا الشمالية، و42000 كتاب في أمريكا اللاتينية والكاريبي. وبحسب "تقرير التنمية الثقافية" الذي أصدرته منظمة اليونسكو فإن عدد كتب الثقافة العامة التي تنشر سنويًا في العالم العربي لا يتجاوز الـ5000 عنوان. أما في أمريكا، على سبيل المثال، فيصدر سنويًا نحو 300 ألف كتاب. أما بالنسبة إلى عدد النسخ المطبوعة من كل كتاب عربي نجد اتساع الهوة، فالكتاب العربيلا يطبع منه إلا ألف أو ألفان على أكثر تقدير، وفي حالات نادرة تصل إلى 5 آلاف، بينما تتجاوز النسخ المطبوعة لكل كتاب في الغرب 50 ألف نسخة، وقد يصل إلى أكثر من هذا العدد. أما بالنسبة إلى ترجمة الكتب فإنها تصل في الوطن العربي إلى 20% من الكتب التي يتم ترجمتها في اليونان مثلًا.