Sagot :
إن ظاهرة أطفال الشوارع ـــ نظرًا لخطورتها على المدي القريب والبعيد ـــ تستحق الاهتمام بكل أبعادها ودراستها من أجل الوصول إلى الحلول المناسبة؛ وذلك بسبب آثارها السلبية الخطيرة، وكذلك لكونها قضيةً تمثل انتهاكًا واضحًا لحقٍّ من أبسط حقوق الانسان، كما أنها قضية لا يحتملها الضمير الإنساني لكونها تبديدًا صارخًا للموارد البشرية .. أطفال الشوارع ينتشرون بأعداد متزايدة يومًا بعد يوم، بل يشكلون خطرًا على المجتمع. وعرفت بلادنا ظاهرة أطفال الشوارع التي تشمل عمالة الأطفال والمشردين والمتسولين، فتحولت من مشكلة محدودة إلى ظاهرة واسعة، تتضمن المخاطر المصاحبة لها؛ إذ إنها ظاهرة منتشرة جدًّا في جميع المدن المصرية؛ حيث إن الأطفال يمثلون الفئة العمرية الأوسع في المجتمع والأكثر حيوية وذات الأهمية البالغة في حياة المجتمعات؛ فهم يمثلون عماد الحياة ورجال المستقبل المرتقب، والإهدار فيها يعكس خسارة جسيمة تتعرض لها المجتمعات كلها كبرت أو ازداد حجمها. ومن هنا فقد أولتها المنظمات الإنسانية على الصعيدين الرسمي والمدني أهمية بالغة، فهي من أهم المشكلات التي تواجهها مجتمعات اليوم والتي تتميز بتحديات متعددة المصادر والتي يأتي في المقدمة منها تزايد السكان والفقر والحاجة إلى المال؛ لذلك تجب مواجهة الظاهرة قبل فوات الأوان؛ فكل تأخير أو تقصير للتصدي لهذه الآفة الاجتماعية، يجعل الحلول صعبة المنال أو مستحيلة، ويدفع الأطفال والمجتمع ثمنًا غاليًا نتيجة ذلك. وفي البداية لا بد من الإشارة إلى أن ظاهرة أطفال الشوارع لا يمكن التغاضي عنها ولا إنكار أنها متفشية في مجتمعنا، ولا يمكن إخفاء التخوف من انعكاسها الرهيب على المجتمع، وذلك على المستويات كافة، وهذا كله يحدد لنا عدة نقاط استفهام من بداية الدراسة؛ حيث إنها تمس الأطفال الذين ينتظرون منا العطف والشفقة إلى جانب الرعاية والتربية، وهم جزء لا يتجزأ من المجتمع، فإذا كان يُعتمد علينا الآن فهم عماد المستقبل، فكيف نهيئ مجتمعًا تتحكم فيه فئات ضائعة. وما يزيد اهتمامنا أننا نرى هذه الظاهرة أمام أعيننا في الواقع المعاش يوميًّا بالإضافة إلى كون علم الاجتماع من أهم التخصصات التي تهتم بدراسة هذه الظاهرة؛ حيث إنه الوسيلة المناسبة للكشف عن العوامل التي أدت إلى ظهورها. ومن المبررات أيضًا الشعور بمشكلة أطفال الشوارع على أنها مشكلة حساسة.