Sagot :
يومئ عنوانُ الفيلمِ إلى عوالمَ دلاليّة تغترفُ نُسغها من عمقِ المتخيّل الإنساني، ذلك أن العرس، بما هو احتفالٌ وتأريخٌ لحدثِ الالتقاء الشّرعي وتدشينٌ لمسارِ حياةٍ، يجسّدُ مثوى التّقاليد والثّقافة التي تتبنّاها جماعاتٌ إنسانيّة مختلفةٌ. وما يسترعي الانتباه في عنوانِ الفيلم هو جمعهُ بين كونين دلاليّين متنابذينِ هما: العُرس وهو قرينُ الفرحِ، ثمّ الدّم وهو أمارةُ الجريمةِ أو ما تاخمها من دلالاتٍ. بهذا المعنى، فإن فيلم "عُرس الدّم" يشفّ عن صراعٍ بين الفرحٍ والتّرحِ، بين الحبّ والكراهيّة، بين الأثيل والحديث
عرس الدم
يعكسُ الفيلم صراع الأرض والدّم، صراع الحبّ والكراهيّة في مجتمع منغلقٍ يحتكم للمواضعات الدينيّة والعرفيّة. إنّه تجسيدٌ لواقعٍ يحافظُ على التراتب الاجتماعي ولا يبيحُ خرق هذا التراتب. وهكذا، يُحرمُ عمروش من الزّواجِ ببنتِ الإقطاعي بدعوى أنّه فقيرٌ ولا يحوز أراضٍ زراعيّة. والحالُ هذه، يتزوجُ عمروش بابنة عمّه وينجب منها طفلا، محاولا مداراة حبّه الموجعِ، لكن عبثا حاولَ. فحين يسمع بخطبة حبيبتهِ الأولى تشتعل نيرانُ الغيرةِ في قلبه، فيقرّر بمعيّتها الفرار يومَ عُرسها. وفي هذا المدار التراجيدي، تشتعل الصّراعات القبليّة، ويؤوب وحش الانتقام الذي ظلّ هاجعاً في نفس الزّوجِ الجديد؛ إذ استنفرت ذاكرته، ها هنا، صور جريمة القتل الشنيعة التي ارتكبها جدّ عمروش في حقّ أبيه ووالده. بهذا، يلتقي الزوجُ بالعاشقُ النّذل في معركة تنتهي بموتهما معاً في جوٍّ جنائزيّ تراجِيدي