Sagot :
Réponse:
عرفنا بأنّ الشعراء الجاهليين والإسلاميين والأمويين وصفوا الخمر لأغراض أخرى ومنها الفخر، ولم یکن وصف الخمر غرضاً من الأغراض الشعرية، ولم یکن فنّاً مستقلّاً. ولکن أبو نواس يصف الخمر كغرضٍ من أغراضه الشعرية، وقد أحسن وصف الخمر إحسانا لم يسبق إليه أحد، والقارئ یشعر بأن خمرته من نوع خاص، لما أضفى عليها من سمات الفّن والإبداع ولِما حملها من رموز وأوصاف معنوية تبُعدنا عن عالم الخمر المادّي.
قد استطاع أبو نواس من خِلال طاقاته الفنيّة والإبداعية والرّوحية أن يجعل لخمرته أبعاداً وأن يرسم لها آفاقا ً تفترق من الخمرة التي تغنّى بها الّذين كانوا من قبله ومعاصروه.
وإذا كانت الخمرة في شعر سابقيه تعبّر عن ترف أو تُجسّد جزءا ًمن التراث العربي، فقد كانت عند أبي نواس تعبّر عن حاجة روحية ونفسية وفكرية وتجسّد ما في نفسه من غنى روحي وفكري وسياسي و فلسفي، والمتتبع في خمريات أبي نواس، يرى أنّها كانت وسيلةً إلى إبداع عوالم شعرية وأداة لتفجير طاقته الإبداعية وخلق اتجاهه الفني المتميّز والجديد، وزورقا ً للخلاص من قبضة الهموم ووسيلة لتنبيه الناس وسوقهم إلى العوالم الإنسانية.