Sagot :
نحن كالجسد الواحد الذي يؤلمه أيّ ألمٍ يُصيب أيّ عضوٍ فيه؛ لذلك فإنّ تعاوننا فيما بيننا يخلق حالة من الانسجام والتفاهم والتآلف، ويجعلنا جميعًا أقوياء نُساند بعضنا بعضًا ونؤدي حقوق بعضنا، ونؤدي ما علينا من واجبات دون أن نتسبّب بأي أذى لأنفسنا أو لمن حولنا؛ لهذا يجب أن نكون متعاضدين متساندين لا يفرقنا أي شيء، فالتعاون يُسهل الحياة على الناس ويفتح آفاقًا كثيرة من الخير، ويُسهّل الصعب ويُساعد على حل الكثير من المشكلات العالقة، وهو طريقٌ للراحة والأمان والاستقرار. ففي التعاون تقاسمٌ للمهمات الصعبة والمتشابكة، فيتم إنجازها في أسرع وقت، التعاون مثل نبع الماء الصافي الذي يروي الجميع فيُساعد على النموّ والتطوّر، وهو السلاح القوي الذي يستطيع أن يُحارب به الناس كل أسباب الفرقة والنزاع ليصلوا إلى حلولٍ لأي مصاعب تواجههم؛ لهذا فإنّ التمسك بالتعاون بمثابة النصر، وهو طوق النجاة الذي يجب التمسك به دومًا وعدم إفلاته. التعاون ركيزة للحياة يمكن تعريف التعاون بأنّه تآزر الناس وتعاونهم للوصول إلى هدف ما، حيث يعتبر التعاون شكل من أشكال الإنسانية، فلا يمكن لأحد منا العيش دون الآخرين والتفاعل معهم، حيث يعمل التعاون على نشر المحبة والألفة بين أفراد المجتمع، بالإضافة إلى كونه أساساً للنجاح والتقدّم وشعور الإنسان بإنسانيته. يعتبر التعاون من الصفات الحميدة التي يتحلى بها الإنسان، فبه يصبح المجتمع نسيجاً واحداً متكافلاً ومترابطاً، وبه يقضي الناس حاجاتهم حيث يساعد كل منهم الآخر في تحقيق المنافع، وبالتعاون أيضاً تُبنى علاقات المحبة والتآلف بين الأفراد وتختفي الأنانية وحب الذات، وبه يكتسب الأشخاص الثقة بأنفسهم من خلال منحهم شعوراً بأهميتهم ومكانتهم في المجتمع، كما يُعزّز التعاون الشعور بالعطاء، ويساعد على الوصول إلى الغايات والأهداف في وقت أقصر من ذلك الذي يقضيه الإنسان لينجز هدفه بمفرده، لذا يُعدُّ التعاون مقوماً أساسياً من مقوّمات ازدهار المجتمعات وارتقائها فقد قيل قديماً: (اجتماع السواعد يبني الوطن و إجتماع القلوب يخفف المِحن). وللتعاون صور كثيرة في حياتنا اليومية، منها: مساعدة الأبناء لآبائهم في قضاء الأعمال المنزلية، وتعاون الأزواج فيما بينهم لقضاء حوائجهما، ومساعدة الجيران لبعضهم، والتعاون في العمل بين الموظفين لإنجاز الأعمال المطلوبة منهم على أكمل وجه، ولعل أجمل صور التعاون مساعدة الصغار لكبار السن، كما تُعدّ مساعدة طلّاب العلم لبعضهم البعض والاستفادة مما منحه الله لكل منهم من ذكاء وعلم في مساعدة زملائه صورة رائعة من صور التعاون، بالإضافة إلى مساعدة الموظفين لزملائهم ومشاركتهم الخبرات واحدة من أهم صور التعاون، ويمكن تحقيق التعاون من خلال توعية الآخرين بأهميته وفضله في ازدهار المجتمع، ونشر قيمة التعاون بطريقة عملية يراها فينا الآخرون، حيث تكون مساعدتنا للآخرين سبباً في استشعارهم لروعة هذه القيمة والحرص على التمثل بها بعد ذلك، كما أنّ التخلّق بهذه القيمة يجعل من أصحابها نموذجاً يقتدي به الأطفال فيعتادون على مدِّ يد العون للمحتاج أينما حلّوا. مما لا يمكن الاختلاف عليه أنّ التعاون ركيزة أساسية لقيام المجتمعات الناجحة، حيث إنّ التعاون يخلق الاحترام المتبادل والمودة بين الناس، ويساعد على تقدم الأفراد وتطور الأمم، لذا علينا جميعاً أن نتعاون لتحقيق أهدافنا الخيّرة امتثالاً للآية الكريمة القائلة: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ ۖ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) (المائدة: آية 2)، وابتغاءً لمرضاة الله. إنما الفرقة ضعف الفرقة ضعفٌ وفناء، وهي سببٌ من أسباب التفتت والتفكك، وسببٌ في أن تذهب كلّ الأشياء إلى طريقٍ مسدود؛ لأنّ الفرقة تصنع المشكلات، وتعقد الحياة، وتجعل في كلّ حلٍ مشكلة، وهي سببٌ في حدوث النزاعات بين الناس، فتنتشر المشكلات الكثيرة التي لا يوجد لها حلّ، وقد يحدث بسبب الفرقة الكثير من الأمور التي تجعل الحياة صعبة أو مستحيلة. لهذا فإنّ أولى خطوات الضياع حدوث الفرقة والتفكك بين الناس، وعدم السعي إلى اجتماعهم على كلمة واحدة أو موقف ثابت، وهذا يولد الضعف، ممّا يؤدّي إلى الهلاك الكبير، وبسببها تنقلب الموازين نحو الأسوأ، فالفرقة وباء يجب الحذر منها أشدّ الحذر، ومنعها من الحدوث بين أي أفراد أو في أيّ مجتمع، لأنّ مجرد حدوث الفرقة يُسبب الكثير من الإزعاج والعشوائية، فهي تزعزع الأمان والاستقرار، وتصبح الجهود بسببها أقلّ جدوى