Sagot :
Réponse:
بلغت السابعة من العمر،وفي هذا العمر يجب علي الذهاب للمدرسة،قام والدي بتسجيلي في احد المدارس الحكومية القريبة من المنزل،وكنت متشوق جداً متى تبدأ السنة الدراسية،ذهبت أنا ووالدي إلى المكتبة لشراء لوازم الدراسة،وانتهيت من شرائها باكراً. كنت أحاول أن ارسم في ذهني كيف تكون المدرسة في بلادي،فقد كنت أشاهد في التلفاز شكل المدرسة في برامج الأطفال،فقدت كانت جميلة،تحتوي على حدائق وملاعب،وأماكن لممارسة بعض الهوايات يدوياً،وكانت الحافلة الضخمة تحضر الطلاب كلا صباح وتعيدهم بعد الانتهاء من اليوم الدراسي لمنازلهم،أخذت جهازي الايباد،وذهبت لوالدتي وطلبت منها أن تكتب لي في موقع اليوتيوب كلمة مدرسة،ظهرت لي مقاطع عديدة،وقمت بالضغط على المقطع الأولى فظهر لي أغنية نروح المدرسة بدري ،ذهبت للمقطع الثاني فظهر لي مقطع حريق مدارس براعم الوطن ،فذهبت للمقطع الثالث وكان لضرب معلم في مدرسة ،أرعبتني وأضحكتني وأطربتني هذه المقاطع التي شاهدتها،لكن من غير أشاهد شكل المدرسة الحقيقي,وبعد ذلك طلبت من والدي أن يريني شكل المدرسة التي سوف اذهب لها قريباً,بحث لي والدي في الانترنت لكن بعد عدة محاولات قال سوف ترى المدرسة بعينك فهي جميلة ويوجد بها الكثير من الطلاب الذين سوف يصبحوا أصدقائك في المستقبل . جاء أول يوم دراسي,استيقظت باكراً,وتناولت وجبة الإفطار,وأخذت حقيبتي وذهبت إلى السيارة,وصلنا إلى المدرسة التي طال الانتظار لأكتشفها,شاهدت من الخارج أسوار مرتفعة جداً توجد عليها كتابات بالألوان مختلفة مكتوبة بشكل عشوائي,دخلت أنا ووالدي من بوابة ضخمة حديدية تشبه لبوابة السجون التي أشاهدها في الأفلام الأجنبية,تجاوزنا البوابة وبعد ذلك شاهدت الفناء الخارجي,وكان عبارة عن بلاط وأحواض ترابية يبدو أنها مجهزة للزراعة لكن لا يوجد بها سوى التربة,وصلنا إلى فناء المدرسة الداخلي وكان هنالك ساحة كبيرة سقفها زجاجي تدخل منه أشعة الشمس,وتوجد في أطراف هذه الساحة الفصول الدراسية. اجتمعنا في هذا الفناء أنا وزملائي الطلاب وآبائهم,تقدم مدير المدرسة وألقى كلمة,رحب فيها بالطلاب الجدد,بعد ذلك قاموا بتوزيع العصائر والفطائر على جميع الطلاب,قمت بشرب العصير الذي كان اقرب إلى ألشاهي من العصر بسبب حرارته ,وبعد فترة قصيرة توجهنا للفصول الدراسية , دخلت الفصل الدراسي,وشاهدت عدد ضخم من الطاولات والكراسي المنتثرة بشكل عشوائي داخله ,جلست على احد الطاولات وأنا أتأملها,فقد دهنت باللون الأخضر لإخفاء ما بها من كسور وأثار تخريب ,كنت أطالع السقف والجدران للفصل,والشبابيك التي لا نرى من خلالها سوئ أسياج حديدية ,وكان صوت التكييف داخل الفصل عالي جداً لكن صوت بلا فائدة ,دخل الأستاذ علينا ورحب بنا وأصبح يسألنا عن أسمائنا,وأصبحنا نقول أسمائنا واحداُ تلوا الأخر,بعد ما انتهينا من التعارف,طلبت من الأستاذ أن اذهب لدورة المياه,خرجت ابحث عنها,ووجدتها فقمت بالدخول إليها فصدمتني روائح كريهة جداً ولم استطع أن ادخل إليها,فعدت إلى فصلي مرة أخرى,جلست على كرسيي وأنا أحاول أنا أنسى فكرة الذهاب لدورة المياه,قام احد زملائي بالبكاء فجاءه وتتالى بعد ذلك بكاء الباقين,وبكيت أنا كذلك,والأستاذ يحاول أن يسألنا عن سبب بكائنا,والإجابات كانت مقحمة في صوت البكاء ومتنوعة,أبغى بابا ,أبغى أروح للبيت . بعد دقائق أتى مدرس أخر وقام بتوزيع الكتب الدراسية علينا,استلمت كُتبي وقمت بالاطلاع على غلافها الخارجي وما تحويه من صور,وفي الحقيقة كانت مملة جداً,فالصور والألوان لا تجذبني كي أتأمل بها مثل القصص التي تباع,أو مثل الرسوم المتحركة التي أشاهدها في التلفاز أو على الايباد . انتهى أول يوم دراسي,وأتى أبي للمدرسة واصطحبني,وكان يسألني كيف المدرسة يا بطل ؟ فأجبته ما آبي ادرس يا بابا ,المدرسة مو حلوه ,فقال أبي لا بد أن تدرس وتتعلم حتى تكون مستقبلك !! وصلنا إلى البيت وكنت في قمة اشتياقي للبيت لأول مره في حياتي ,فقد كان الخروج من المنزل متعة بالنسبة لي سابقاً,لكن بعد المدرسة اكتشفت أن المنزل أكثر جمالاً وبروده من مدرستي الحزينة . عدت أمارس حياتي الاعتيادية حتى حل المساء وقامت والدتي بإجباري على النوم باكراً حتى استيقظ باكراً غداً للذهاب للمدرسة ,فأصابتني حالة من الاكتئاب بعدما تذكرت عودتي للمدرسة مرة أخرى ,ذهبت إلى النوم وأنا أفكر كيف أتحمل حرارة الجو في المدرسة وقذارة دورات المياه بها والطاولات الكئيبة ,وأخذني النوم وأنا أفكر في كل ذلك . وعند الساعة السادسة أتت أمي لإيقاظي لاستعد للذهاب إلى المدرسة ,وقمت بالكذب عليها وقلت أنا تعبان يا ماما ,فما عشته ورايته بالأمس كان كفيل بأن يجعلني اكره المدرسة,وانتظر الإجازة بفارغ الصبر ,بالله عليكم بعد ما قرأتموه هل تريدون مني أن أحب المدرسة !!