سيرة غيرية وذاتية عن مرض الم بك وشكرا مقدما ​

Sagot :

شاءت الأقدار في أحد الأيام أن ألم بي مرض قدر لي أن أعاني منه لفترة. لا أدري ما كان ذلك المرض، لكن ما أذكره أن الحمى مرفوقة بالسعال والزكام كانوا قد اتحدوا فأنهكوا قوى مناعتي ، وألزموني الفراش لأيام معدودات...
ظننت في البداية أنها مجرد نزلة برد ستحل علي ضيفا خفيفا ثم تمضي لحالها، لكن سرعان ما تجهز المرض فأحكم قبضته علي. وبذلك انطفأ نور النشاط والحيوية اللذين كانا يدبان في نفسي، وحل محلهما العياء والخمول، فكانت الساعات تمضي الواحدة تلو الأخرى فلا تجدني إلا في نفس الحال نائمة أو مستلقية على فراشي الذي كنت قليلا ما أفارقه.
لا زلت أذكر صورة علبة الدواء المكعبة الشكل التي تعددت ألوانها وحسن مظهرها، لكن ذلك لم يكن سوى خدعة توهم العين بلذة الطعم، فما إن يستقبله اللسان حتى ينفر من مذاقه الذي يبعث على الغثيان، كان تناوله بمثابة كابوس عذاب بالنسبة إلي..لا يبرحني حتى يوصل الدموع إلى عيني، ولا سبيل للنجاة منه تحت إصرار وإلحاح والدي على تناوله.
صورة أخرى بقيت راسخة بين بقايا صور علقت في ذاكرتي، تلك هي صورة ملامح الشفقة التي كانت ترتسم على محيا كل من كان يعودني. فكيف لا يشفق لحال تلك الفتاة الشاحبة اللون والتي لم يبق منها سوى عينين تنظران بحسرة ولا مبالاة. منظرها لا يوحي إلا بصورة طائر جريح منكسر الجناح يتخبط فوق التراب عاجزا عن مصاحبة الغيوم من جديد.
لكن دوام الحال من المحال. فمن شاء أن أصاب بهذا المرض كفيل بأن يرزقني الشفاء والعافية من جديد ، فبعد أن استسلمت لقوة الداء الذي أسرني لفترة ، عادت نسمات الحيوية والنشاط لتدب بين أطرافي من جديد ، وشاء الله أن انجو من قبضة المرض بسلام ، فكل الحمد والشكر لله الذي رزقني العافية من هذا البلاء.