Sagot :
Réponse :
Explications :
لماذا لم تعد تكتب عنا؟».
قلت مرتبكا: «بالفعل مر وقت طويل على آخر مقال كتبته عن القطط. معذرة لم أكن أدرى أن الأمر يهمكم».
ردت فى بساطة: «أنا بانبسط لما بتكتب عنا».
راقنى ردها. قلت متوددا: «هذا فخر كبير. لكنى لم أكن أعلم بصراحة أن القطط تقرأ لى».
غمزت بعينها فى شقاوة وقالت فى دلال: «وهل يقرأ لك أساسا إلا القطط!».
قلت ضاحكا: «على كل حال أعدكم بالكتابة عنكم مع أول موقف يصلح للكتابة. فالكتابة تأتى هكذا: موقف عابر أراه، ربما يبدو لغيرى تافها. فيدق ناقوسا فى رأسى. وبسرعة أجد الخيط وأسترسل. باختصار أريد موقفا مميزا يدفعنى للكتابة».
قالت على الفور:«اصطدت اليوم فأرا. هذا خبر رائع يستحق النشر ويهم القراء».
قلت فى اشمئزاز: «يعععع». قالت فى تعجب: «بروتينات! ألست تأكل لحما ودجاجا! عجبا لكم أيها البشر. ما الفارق؟».
تفكرت قليلا فى كلامها. قلت: «الحق معك. لا فارق. طيب يوجد دائما سؤال يحيرنى. لماذا تعذبين الفأر ولا تأكلينه مباشرة؟».
قالت فى دهشة: «ماذا تقصد؟». قلت:«أرجوك لا تراوغى واحترمى عقلى. أنت تمسكين بالفأر فيسقط فى أيدى المسكين. ثم تطلقين سراحه. فيتنهد من الراحة ويبتعد غير مصدق بالنجاة. فإذا بك تباغتينه بانعكاساتك السريعة التى لا تصدق، فتمسكينه ثانية. هذه عين السادية والقسوة».
قالت فى دهشة:«لا تكن أحمق. هذه هى الطبيعة. ثم إنكم أيها البشر آخر من تتحدثون عن الرحمة! لا تعايرنى ولا أعايرك. الهم طايلنى وطايلك».
استرسلت: «وهناك سبب جديد دفعنى لكراهيتكم حديثا. إذ شاهدت قطة تفترس بلبلا، دون أن تدرى أنه حين ينقص عدد البلابل فى الأرض ينقص فى اللحظة نفسها الجمال الكونى. والذى أغاظنى أنها- بنت الكلب- نظرت نحوى فى فخر وكأنها تريدنى أن أشاهد شطارتها. ألا تدرى هذه الحمقاء أن البلابل نادرة، وأننى أدعو فى كل صباح أن يبارك الله فى أعدادها ويكثر منها. وأتخيل أنه لو تكاثرت البلابل فى مصر، فإن عذوبة غنائها قادرة على انتزاع الشر ونزع القبح من عالمنا».
فطست القطة من الضحك وقالت: «يا لذيذ يا رايق».
قلت متحسرا: «لو كانت قد اصطادت عصفورا لما حزنت كل هذا الحزن. لأنهم كثيرون وغناؤهم شقشقة».
قهقهت القطة: «أنت رجل ندل. كل ما يهمك مصلحتك».
رأيت كلامها صحيحا فسكت محرجا. قالت فى تهكم: «القطط هى فى الأصل من سلالة النمور، بل إن النمور هى التى تنتمى للفصيلة القططية. أتستكثر عليها وقد تدحرج بها الحال أن تتمسح فى قدمك انتظارا لباقى طعام تتفضل به سيادتك، أن تقتنص عصفورة إذا جاءتها الفرصة!؟»
قلت: «ما رأيك فى هذه الحياة؟».
قالت فى تفلسف: «كثير من التعب، قليل من الفرح».
سألت: «ما أجمل لحظات حياتك؟». قالت: «الدلال فى مواسم الحب، قبل أن يقضى الذكر الوغد مأربه ويمضى».
قلت: «ما أسوأ ما فى الحياة؟». قالت: «إنها قصيرة جدا».
تابعت: «وما أفضل ما فى الحياة؟». قالت: «إنها أيضا قصيرة جدا».
قلت: «من أكثر من تحبين فى هذه الحياة؟». قالت: «الله سبحانه وتعالى. لا أحب سواه».